كيف سيصوم رائد الفضاء العربي سلطان النيادي على سطح القمر؟ كيف سيصوم رائد الفضاء العربي سلطان النيادي على سطح القمر؟ - Arab Trend عرب ترند -->

كيف سيصوم رائد الفضاء العربي سلطان النيادي على سطح القمر؟

حجم خط المقالة

رائد الفصاء الإماراتي
يتساءل العديد من جمهور الناس حولة كيفية تأدية الشعائر والعبادات في الفضاء الخارجي، مع ظروف انعدام الجاذبية والحياة المختلفة كلياً عن كوكب الأرض، هذه التساؤلات كافة دفعت الكثير من العلماء والباحثين في الشريعة الإسلامية لتقديم فتاوى وحلول عصرية تواكب وتتماشى مع وصول روّاد الفضاء المسلمين إلى الفضاء والذي كان آخرهم رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي الذي انطلق في أطول مهمة نحو الفضاء تستمر لستة أشهر.

وبالعودة إلى مسألة العبادات والشعائر الدينية، فإن تلك المسألة قد طرحت في ثمانينيات القرن المنصرم، عندما بدأ المسلمون الوصول إلى مجال الفضاء، حيث انطلق 12 مسلماً إلى الفضاء خلال العقود الثلاثة الماضية وكان آخرهم الإماراتي سلطان النيادي في مهمة مع فريق (كرو -6).

وتعد التجربة التي بدأ بها سلطان النيادي وفريقه (كرو -6)، جديدة من نوعها حيث سيتابعها العالم العربي والإسلامي كافة، وذلك ضمن مسيرة طويلة بدأت بها دولة الإمارات من أجل تشجيع وتحفير الدول العربية لتحقيق نقلة نوعية ومؤثرة في اهتماماتهم وطموحاتهم وإطلاق العنان لإبداعات وطاقات الشباب المدفونة داخلهم والاستفادة منها في تلك القضايا التي تسجل بصمة مشرفة للعرب.

وقد وصل رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي إلى الفضاء بتاريخ الثالث من شهر آذار/ مارس الجاري وبرفقته فريق مهمة (crew-6) إلى محطة الفضاء الدولية لخوض أطول مهمة فضائية بتاريخ العرب والتي ستمتد لفترة ستة أشهر، حيث وصلوا على متن متن المركبة "سبيس إكس دراغون إنديفور".


ومع بدء شهر رمضان المبارك، بالتزامن مع وجود سلطان النيادي بالفضاء، يعتبر عبادة الصيام من أكبر التحديات عليهم هناك، لعدد من الأسباب، أبرزها أن رواد الفضاء من مكان تواجدهم سيشاهدون في اليوم الاعتيادي لكوكب الأرض والذي يقدر ب(24 ساعة) بمعدل 16 مرة شروقاً للشمس و 16 مرة غروباً لها، وهو ما يفرض تحدياً كبيراً حول توقيت صيام وصلاة رائد الفضاء المتواجد هناك.

ويبقى التساؤل الأبرز هل سيصلي رائد الفضاء المتواجد على متن تلك المحطة كل 90 دقيقة الخمس صلوات؟ أي ما يعادل 80 صلاة خلال يومنا الاعتيادي الذي نعيشه والمقدر بـ 24 ساعة؟ وكذلك هل سيصوم رائد الفضاء لمدة 45 دقيقة من الزمن بمقدار نهاره بالإضافة إلى زمن طلوع الفجر بشيءٍ يسير ومن ثم بعد ذلك يفطر لمدة 45 دقيقة أي مقدار ليلة واحدة ولمدة ثلاثين مرة في اعتبا أن كل تسعين دقيقة  يوم كامل بنهاره وبليله !

ووفق التقديرات سيكون ازلمن المقدر لصيام رائد الفضاء من متن محطته الفضائية ما يعادل 45 ساعة، أي فقط ما يقارب اليومين من أيامنا الاعتيادية! وفي سؤال آخر يدور إلى الأذهان كيف يمكن لرائد الفضاء أن يحدد القبلة التي سيصلي نحوها مع حركة المحطة المستمرة وسرعتها وسرعتها الفائقة فكوكب الأرض يتقلب أمامه تارة من تحته وتارة أخرى من فوقه أو عن طرفه وهكذا حتى ينزل منها ويعود لها.

وتساءل آخرون، هل من الممكن لتجاوز ما سبق أن يقدّر له الوقت كما لو أنه كان مقيماً في مدينته على كوكب الأرض فيصلي خمس صلوات كل ساعة أم تسقط عنه الصلاة والصيام لفقد أسباب وجوبهما خلال وجوده هناك؟


ولحسم تلك التساؤلات جميعها، أصدرت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي  إصداراً يعد الأول من نوعه في هذا التخصص بعنوان "تقدير مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء الدولية" والتي قد أصدرته تزامناً  مع انطلاق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري خلال أول مهمة إلى محطة الفضاء الدولية سبتمبر/ أيلول عام 2019، وذلك بناء على توجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في استشراف المستقبل.


وقد سلّط هذا الإصدار الضوء  على أثر من آثار الثورة الصناعية الرابعة وما يتعلق بها من أحكام شرعية كمواعيد ومواقيت الصلاة وأحكام الصيام لرواد محطة الفضاء الدولي والتي تدور في مدار حول كوكب الأرض بارتفاعات ثابتة شاهقة تقدر بـما يقارب 400 كلم وبسرعات عالية جدا قد تصل إلى 28 ألف كيلومتر في الساعة.

وجاء في الإصدار أن عبادتي "الصلاة والصيام لا يسقطان عن ذمة رواد الفضاء مطلقاً، وتقدر أوقات الصلاة والصيام حسب مواقيت الأرض وذلك باعتماد مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء بحسب دخولها بمنطقة مكة المكرمة، وذلك لاعتبارها مهبط الوحي ومنبع التكليف، ولا عبرة بمواقيت بلد الإقلاع أو بلد إقامة الرائد؛ لانفصال رائد الفضاء عن تلك الجهات البتة".


وعليه، سيكون التقدير للصلاة من متن محطة الفضاء الدولية، عن كل يوم خمس صلوات فقط، والمكون من: (24) ساعة، من ساعات الأرض. وفق إصدار العلماء.



أما الصيام، فسيكون التقدير لعبادة الصيام عن: (29 أو 30) يوما حسب ثبوت الرؤية في مكة المكرمة، ولا عبرة بعدد مرات الشروق والغروب الذي يراه رائد الفضاء لأسباب اختلال العلامات.

وفيما يخص شأن تحديد القبلة، فقال العلماء إنه: "على رائد الفضاء أن يتحرى جهة القبلة وقت مرور المحطة أمام الكعبة المشرفة، أو بلاد الجزيرة العربية على أقل تقدير، وإن خشي خروج الوقت؛ فليســتقبل جهة الأرض عموما بوجهه ويصلي، وإن لم يتيسر له من ذلك شيء، صَلى حيث توجه".

وبأمر الأخذ برخص السفر عند استقرار رائد الفضاء في محطة الفضاء الدولية، أفاد الإصدار بأن "بما أن محطة الفضاء الدولية ستبقى مستمرة في دورانها حول الأرض، فهذا الأمر يعني أن حكم السفر مستمر لركابها، ولهم حينئذ الأخذ برخص السفر، من جمع الصلوات وقصرها، والإفطار خلال شهر رمضان المبارك، وفي حين كانت المشقة ظاهرة لرائد الفضاء وبخاصة في ضبط اتجاه القبلة على سمت (أم القرى)  مكة المكرمة، فإنه من الأيسر له جمع الصلوات لاتساع مدة تحين مرور المركبة على جهة القبلة أو الأرض".

وفيما يخص صيام شهر رمضان، فمن المعلوم أن محطة الفضاء الدولية تكون على اتصال مباشر مع كوكب الأرض، وعلى رائد الفضاء حينئذ أن يتأكد من ثبوت هلال شهر رمضان في مكة المكرمة لينوي عدها صيام شهر رمضان، ومن ثم أن احب الصيام وهو الأفضل فليمسك نفسه ويفطر على حسب إفطار وإمساك تقويم مكة المكرمة وإن أخذ برخصة الإفطار فعليه القضاء عقب عودته إلى الأرض.

ويبقى السؤال هل سيصوم رائد الفضاء سلطان النيادي أم سيأخذ برخصة الفطر على اعتبار أنه في حكم المسافر؟


قال رائد الفضاء سلطان النيادي خلال تصريحات صحفية له:"في حالتي يمكن تصنيفي كمسافر، ويحق للمسافر أن يقطع صومه"، وأضاف: "الصوم ليس إلزامياً إذا شعر المرء على سبيل المثال بأن صحته ليست على ما يرام". مضيفًا: "من هنا يُسمح لنا بتناول كمية كافية من الطعام تفادياً لأي شيء قد يقوّض المهمة أو يهدد أفراد الطواقم".


وأشدّد النيادي على أنّ صيام شهر رمضان خلال مهمته في الفضاء سيشكل تحديا من نوع آخر، إلا أنه أكد نيته للصيام، قائلا :"حاليا إن شاء الله سنستعد للشهر الفضيل بنية الصيام".

وتعتبر المهمة التي خرج فيها سلطان النيادي والتي تم إطلاقها من مركز محمد بن راشد للفضاء ضمن برنامج الإمارات لروّاد الفضاء من المهمات طويلة الأمد في تاريخ العرب.


وخلال وصول النيادي أجرى فريق المهمة عدد من التجارب والأبحاث العلمية التي تشارك فيها دولة الإمارات عن العرب بجانب جميع مراكز أبحاث ووكالات الفضاء العالمي، فقد حمل منها البصمة الإماراتية، خاصة في مجال دراسة تأثير انعدام الجاذبية على جسم الإنسان والعمل على تلافي مخاطرها في المستقبل.

سيجري سلطان النيادي خلال 4000 سعة متواصلة على متن محطة الفضاء ما يزيد عن تسعة عشر تجربة بحثية وكذلك الدراسات المتقدمة بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة ناسا ووكالة الفضاء الكندية، والمركزالوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا)، تشمل مجموعة من المجالات، أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم "ما فوق الجينات"، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات.


وكان رائد الفضاء الإماراتي سلطان  النيادي قد صرح خلال وصوله مركز كينيدي للفضاء إنني "يشرفني التواجد هنا قبل أيام قليلة من إطلاق أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب وثاني مهمة إماراتية إلى محطة الفضاء الدولية كما يشرفني الوقوف في نفس المكان الذي انطلق منه أول رائد فضاء هبط على سطح القمر".

وشكر النيادي قيادة الإمارات وكل من يدعمه في التحضير لتلك المهمة الأطول بما في ذلك المدربين وكافة وكالات الفضاء، ولم ينسَ أن يوجه شكر بشكل خاص لعائلته وزملائه في الإمارات.

وشدد على أنهم جاهزين على الصعيد البدني والتقني والذهني، من خوض هذه المهمة التي نريد من خلالها تقديم معارف جديدة، وتعزيز شغف استكشاف عالم الفضاء.